قصة الصحابي بلعام ابن عوراء
قصه وحكمه
من هو بلعام بن باعوراء
"بلعام بن باعوراء" كان عبدًا صالحًا وحبرًا من أحبار بني إسرائيل وكان مُجاب الدعوة وكان يعرف اسم الله تعالى الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئِلَ به أعطى
وبعدما أتاه الله العلم هبط إلي درك سحيق بسبب الهوى والنفس الأمارة بالسوء.
وقال لهم : هذا نبي وإن فعلت معه ما تريدون ذهبت دنياي وآخرتي
قالوا لابد أن تفعل وأغروه بالأموال والمناصب والسلطة وألحوا عليه حتى افتتن.
فضربها حتى قامت فسارت غير بعيد ثم ربضت مرةً أُخرى وهكذا عدة مرات ولما آلمها أنطقها الله عز وجل
فقالت : ويحك يا بلعام!
أما ترى الملائكة أمامي تردّني عن وجهي هذا؟!
تذهب إلى نبي الله والمؤمنين لتدعو عليهم!
فلم ينزع عنها يضربها فخلّى الله سبيلَها حين فعل بها ذلك فانطلقت به
حتى إذا أشرف عليهم صار يدعو باسم الله الأعظم أن يخذلهم فتحول لسانه بالدعاء على أصحابه وصار كلمَّا دعا على قوم موسى عليه السلام بشيء أوقعه الله على قوم الجبابرة وذلك أنه صار ينطق بغير اختياره.
إنما تدعو لهم وتدعو علينا!
قال : فهذا ما لا أملك هذا شيء قد غلب الله عليه ولم يزل يدعو حتى اندلع لسانه على صدره
فقال لهم : قد ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة ولم يبقَ إلا المكر والحيلة.
ثم أمرهم فقال : جمّلوا النِّساء وأعطوهنَّ السّلع
ثم أرسلوهنَّ إلى العسكر يبعنها فيه ومروهنَّ فلا تمنع امرأةٌ نفسَها من رجلٍ أرادها
ففعلوا ذلك وزينوا نساءهم ثم بعثوهن إلى المعسكر فمرت امرأة منهم اسمها كسبى بنت صور برجل من عظماء بني إسرائيل وهو زمري بن شلوم
يقال إنه كان رأس سبط بني شمعون بن يعقوب عليه السلام فلمَّا رآها أعجبته
فقام فأخذ بيدها وأتى بها موسى عليه السلام
قال : "أجل هذا حرامٌ عليك لا تقربها"
فقال : فوالله لا أُطيعك في هذا فدخل بها قبته فلمَّا خلا بها أرسل الله الطاعون على بني إسرائيل.
فأُخبر رجل اسمه فنحاص بن العِزار بن هارون وكان رجلًا له بسطة فى الخلق وقوة فى البطش ، وكان غائبًا حين صنع زمرى بن شلوم ما صنع
فجاء والطَّاعون ينتشر فيهم ولمَّا علِم الخبر أخذ حربَته وكانت من حديدٍ كلِّها فدخل عليهما القبة وهما يأتيان ما حرم الله فضربهما ضړبة واحدة فقټلهما بها
ثم خرج بهما على الناس والحړبة في يده ورفعهما نحو السماء وجعل يقول : اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك فرُفع الطاعون
فكان جملة من ماټ في تلك الساعة سبعين ألفًا والمقلِّل يقول عشرين ألفًا.
قال الله تعالى : {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا} قال ابن عباس رضي الله عنهما : هو بَلْعَمُ بْنُ باعُوراءَ
وفي لَفْظٍ : بَلْعامُ بْنُ باعِرٍ.
{فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}
قال ابن عباس : نزع منه العلم فلمَّا فعل ذلك أتبعه الشيطان أي : تسلط عليه حين خرج من الحصن الحصين وصار إلى أسفل سافلين فأزه إلى المعاصي {فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}
أي : الهالكين بعد أن كان من الراشدين المرشدين.
{وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا}
قال ابن عباس : لرفعه الله تعالى بعلمه {وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ}
أي : مال إلى زينة الدنيا وزهرتها وأقبل على لذاتها ونعيمها واتبع هواه وترك طاعة مولاه.
{فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} سواء وعظ أو لم يوعظ فإنه لا يترك ما هو عليه من خلافة أمر ربّه
كما سواءٌ حُمل على الكلب وطُرِد أو ترك فلم يطرد فإنه لا يدَع اللهث في كلتا حالتيه.
{ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} ،
قال القتيبي : كل شيء يلهث إنما يلهث من إعياء أو عطش إلا الكلب فإنه يلهث في حال الكلال (التعب) وفي حال الراحة وفي حال العطش ، فضربه الله مثلًا لمن كڈب بآياته فقال : إن وعظته فهو ضال وإن تركته فهو ضال كالكلب إن طردته لهث وإن تركته على حاله لهث.
{فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} ،
قال سالم أبي النضر يعني : بني إسرائيل إذ قد جئتهم بخبر ما كان فيهم ممّا يخفُون عليك "لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" فيعرفون أنه لم يأتِ بهذا الخبر عمَّا مضى فيهم إلا نبيٌّ يأتيه خبرُ السماء.
صلي علي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم