صياد السمك يوسف
وهل ظنوا أن البحر ابتلعني وصرت في عداد الأموات أم أن شيخ البحر أنقذني ولا أزال على قيد الحياة وهنا قطع شيخ البحر سليم كلامه وسأله وهل يعرف أهلك شيخ البحر أيها الإبن البار فأجابه سليم والدموع تترقرق في عينيه نعم يا سيدي الشيخ فإن أبي هو صياد السمك يوسف وهو يعرفك جيدا وكان يقص علينا قصصك الحلوة ويحدثنا عن حسن صنيعك. ويخبرنا أنك تنجد التائهين وتنقذ الغرقى وتشفي المرضى وكنا أنا وأمي وإخوتي نتشوق لرؤياك وإني قصدت أمس شاطئ البحر لألتقي بك وأطلب منك أن تشفي لي أمي فتعود إلى مزاولة عملها في البيت. ويرجع أبي إلى عمله الذي يدر علينا الكساء والغذاء ونذهب أنا وإخوتي إلى المدرسة وتعود لبيتنا بهجته ويعود لعائلتنا سرورها ثم تذكر سليم مرة ثانية حيرة أبيه عليه وقلق إخوته وسقم أمه فاڼفجر بالبكاء وعلا نحيبه فأمسكه شيخ البحر بيده وقال له بعطف وحنان كف عن البكاء أيها الابن البار وامسح دموعك وتخلص من جميع همومك وأحزانك لأنك وصلت إلى الجزيرة المقدسة وهناك ربط الشيخ القارب بحبل إلى جذع شجرة من أشجار الجزيرة ونزل على الشاطئ ونزل معه سليم ثم سارا حتى وصلا إلى قصر عظيم. علم سليم أنه قصر شيخ البحر ودخل الشيخ إلى بهو القصر الفسيح وتبعه سليم. ثم صعدوا إلى الطابق العلوي وصعد وراءه سليم حتى انتهى بهما المطاف إلى شرفة واسعة تطل على مرج أخضر فيه من كل شيء بهيج أشجار باسقة وأزهار عطرة وأثمار يانعة عدا النور والقصور التي تحيط به من كل جانب والتي يسكنها الأبيض والأصفر والأحمر والأسود ولما سأل سليم الشيخ عن سر ما يري قال له بصراحة واختصار أنت الآن يا بني في الجزيرة المقدسة وسكان الجزيرة المقدسة من مختلف الأجناس فيهم الأبيض والأصفر والأحمر والأسود. كانوا غرقى فأنقذتهم وكانوا ضالين فأنجدتهم وكانوا مرضى فشفيتهم ثم اصطحبتهم إلى جزيرتي هذه ليسكنوا في قصورها الجميلة ويأكلوا من خيراتها الوفيرة. وهم كما تراهم يعيشون فيها بأمان ولا يعرفون الهموم والأحزان وإنك اليوم واحد منهم وستقيم في قصري هذا ما دمت تذكر أهلك وتحن إلى وطنك ومتى سلوت الأهل ونسيت الوطن فسيكون لك قصر بين قصورهم وستعيش معهم بسلام والآن هذه غرفتك فيها كل ما تطلب وتتمنى ثم مضى شيخ البحر إلى جناحه في القصر من عناء السفر. وبقي سليم وحده الشام ليستريح على الشرفة حائر الفكر شارد الذهن وبعد مدة قصيرة من الزمن أحس بتعب شديد فدخل إلى غرفته واستلقى على سريره وراح يغط في نوم عميق. أما الصياد المسكين يوسف فعندما غابت الشمس ولم يحضر ابنه سليم إلى البيت فإنه ترك زوجته المړيضة وولديه الصغيرين وخرج من