السبت 23 نوفمبر 2024

المياسه والمقداد

انت في الصفحة 2 من صفحتين

موقع أيام نيوز

والقبائل مثلنا
ولنا الفخار وسائر الأكرام
ولنا الشجاعة والبراعة والندا
ولنا الهمز والاجلال والاعظام
ولما سمعت المياسة شعره أخذتها الحمية والنخوة العربية وحملت على سادة قريش ونادت أيها السادة هلموا إلى الميدان فهنا يظهر الشجاع من الجبان وبرز لها فارس بعد فارس وبطل وبعد بطل حتى حاروا في أمرها وأذهلتهم قوتها وشجاعتها.
وكان للمياسة ابن عم هو المقداد بن الاسود الكندى الذى ولد و نشأ يتيما معدما واسمه المقداد بن عمرو وأمه هي تميمة وكان يرعى الإبل والخيل مع عبيد كندة وخدمهم فتعلم فنون القتال والفروسية من مشاهدة الفرسان والعربان ورعى الخيل في البيداء وحينما علم بمنازلة المياسة لسادة قريش وانتصارها عليهم طلب من أمه أن تذهب إلى خاله فتستعير منه فرسا وسيفا ورمحا لمنازلتها فرفضت أمه بادئ الأمر وعيرته بفقره وقالت له الحق بجمالك وخيلك انت شكون راع وصغير السن فلا يصلح لك أن تبرز إلى الميدان ولا طاقة لك مثلهم فڠضب المقداد وانشد يقول
يمشي الفقير وكل شيئ ضده
والناس تغلق دونه أبوابها
حتى الكلاب إذا رأته عابرا
نبحت عليه وكشرت انيابها
فتجرأت أمه تميمة وذهبت إلى بيت خاله وطلبت فرسه ورمحه وسيفه فقالت لها زوجة خاله أنهم هدية للمقداد وخرج للمياسة في ميدان المبارزة ملثما لا يعرفه أحد وحمل عليها حملة منكرة فتطاعنا بالرماح حتى تكسرت وتضاربا بالسيوف حتى تلمت وعضت الخيل على المراود وعلا بينهما الغبار وأظلم النهار حتى غابا عن الابصار وهما في كر وفر وطعن وضړب وازدحم الناس حولهما ونظرا لأنهم لا يعرفون المقداد فى لثامه قالوا أنه الشيطان ولاموا جابر بن الضحاك وقالوا له ابنتك من كثرة غيها راودها شيطان من الجان ولم يزل المقداد والمياسة في كر وفر وحملت عليه المياسة وصاحت صيحة عظيمة وطعنته بكل ما تملك من قوة فتلقاها بثبات وضړب جواده بالسوط فخرج من تحته كالريح فبادرته بطعڼة أخرى فزاغ منها إلى تحت بطن الجواد واقتلع المياسة من على جوادها ورماها على الأرض وقامت المياسة وهي خجلانة متغيرة اللون مکسورة القلب باكية العين ومضت إلى بيتها وقالت لوالدها زوجني بهذا الفارس الذي قهرني في حومة الميدان ونكبني بين الشجعان إن كان غنيا رضيته وإن كان فقيرا اغنيته
ذهب جابر بن الضحاك إلى الفارس الملثم وطلب منه أن يميط اللثام عن وجهه فلما رآه عرفه وعرف فقره فرفض زواجه من المياسة وقال لها كفى عن هذا الكلام ولا تطمعي فيه أبدا فكيف وقد خطبك ملوك العرب وساداتهم أن ترغبي في هذا اليتيم وهو ضعيف قومك وفقير عشيرتك ولكن المياسة أصرت عليه وآثرت أن تحفظ كلمتها وعهدها وقد أبهرتها شجاعته وإقدامه وقوته عند النزال فخرج أبوها من عندها وقد صعب عليه الامر واعتذر لسادات قريش واستشار قومه فنصحه أحدهم أن يغالي
في المهر
فيهلك المقداد في طلبه وقال له ثقل عليه الشرط والمهر واشرط عليه شرطا فيمضي في طلبه فقال له الضحاك جزيت خيرا على هذا الرأي.
وقال للمقداد مهر ابنتي اربعمائة ناقة حمر الوبر سود الحدق لم يحمل عليها شيئ وأربعمائة رأس خيل مجللة وسرجها وركابها من ذهب ومائة جارية ومائة عبد ومائة أوقية من المسک وخمسون أوقية من الكافور ومائة ثوب من الديباج وعلبة قمطر مملوءة من ثياب مصر وعسل الشام وألف أوقية من الذهب الاحمر وألف أوقية من الفضة البيضاء وثماني نوق معلمات وثمانمائة أوقية من البنان الرومي وبعد ذلك أريد منك جهازها مثل بنات العرب
فقال المقداد لك ذلك وخرج من ديار كندة طالبا مهر المياسة فألتقى قافلة بها ثلثمائة ناقة حمر الوبر والكثير من بضائع مصر والشام ويقودها ثلاثة فرسان فصاح صيحة عظيمة وحمل عليهم وقال له أحدهم ويلك ارجع عن سادات الحرم وسكان مكة وزمزم فقال المقداد أهلا ومرحبا من أي قبيلة انتم فقالوا نحن بنو هاشم وعندما عرفوا حكايته قالوا له لقد ظلمك عمك وما طلب ذلك في مهر ابنته المياسة إلا لهلاكك ووهبه كل واحد منهم مائة ناقة ثم التقى ابن قيس بن مالك وبنت عمه الخنساء وانقذهما من الذين اسراهما ثم انطلق إلى أراضي كسرى بالعراق وقتل من فرسان كسرى الكثير وهو فى كل ذلك على حدود العراق فبعث قائد السرية لكسرى يخبره بعجيب أمر الفتى العربي فطلب كسرى منه أن يرافق الفتى إلى مجلس كسرى فدخل المقداد المجلس وهو رافع الرأس منتصب القامة عليه من الفخار مالم يره كسرى فأعجب به وعرف قصته فأراد اختبار فروسيته فطلب المقداد منه أن يختار من يشاء لنزاله فاختار كسرى الفا من فرسانه ووعد المقداد أن يعطيه عن كل فارس مال الفارس ومثله من مال كسرى فغلبهم جميعا فأختار كسرى الفا غيرهم فغلبهم أيضا. فاستعظم على أحد الوزراء الأمر وحسد المقداد على شجاعته فطلب من كسرى ألا ينفذ وعده لأن فى ذلك خزى لفرسان الدولة أن يهزمهم جميعا رجل واحد ولكن كسرى أبى أن يخلف وعده فأشار عليه الوزير أن يدعوه لقتال أسد عظيم من أسود كسرى يقال له ريبال فإذا هزمه كان له ما أراد وعاد إلى قومه وإذا قټله الأسد كان ذلك قضاؤه فوافق كسرى ودعاه فنزل المقداد إلى الساحة فھجم عليه الأسد فشق المقداد جسده من الجبهة إلى الذيل بضړبة سيف واحدة فأرداه. فأعجب به كسرى وأعطاه خاتم الأمان الذي قيل أن فصه كان يعادل خراج مصر والعراق والشام سبع سنين وأغدق عليه العطايا وعاد إلى قومه بأموال طائلة وتزوج المياسة التى انتظرته ولم تخلف عهدها معه ولا هي حنثت بيمينها فتزوجت فارسا لم
تنجب العرب مثله.
 

انت في الصفحة 2 من صفحتين