الأعرابي والسارق
سئل أعرابي اشتهر بالسړقة عن أعجب ما مر به فقال
"عجائبي كثيرة ومن أعجبها أنه كان لي بعير لا يسبق وخيل لا تلحق فكنت أخرج فلا أرجع خائبا. خرجت يوما فاصطدت ضبا وعلقته على قتب بعيري. ثم مررت بخباء فيه عجوز وحيدة
فقلت يجب أن يكون لهذه العجوز غنم أو إبل.
عند المساء رأيت إبلا ومعها شيخ عظيم البطن خشن الكفين ومعه عبد أسود وغلام. فلما رآني رحب بي وأكرمني. قام إلى ناقة فاحتلبها وناولني فشربت حتى ارتويت ثم تناول الباقي وضړب به جبينه. ثم احتلب تسع نوق وشرب ألبانهن.
ثم نام الشيخ متوسدا الرمل وغط في نوم عميق كغطيط البكر. قلت لنفسي
هذه والله الغنيمة! فقمت إلى فحل إبله وربطته بعيري ثم سقت الفحل فتبعته الإبل كلها كأنها حبل ممتد خلفي.
ظللت أضرب بعيري بيدي ورجلي حتى طلوع الفجر حتى اقتربت من ثنية تبعد عن مسير الشيخ ليلة. وعندما اقتربت منها رأيت سوادا. فلما دنوت منه وجدت الشيخ جالسا وقوسه في حجره.
قلت "نعم."
قال "أتسخو نفسك عن هذه الإبل"
قلت "لا."
فأخرج سهما كأنه لسان كلب وقال "انظر بين أذني الضب المعلق في القتب." ثم رماه فأصاب عظمة رأسه وشق دماغه.
قال "ما رأيك"
قلت "أنا على رأيي الأول."
فقال "انظر السهم الثاني في فقرة ظهره الوسطى." ثم رماه وكأنه وضعه بيده فأصاب هدفه.
قال "رأيك"
قلت "إني أحب أن أتثبت."
قلت "أنزل آمنا"
قال "نعم."
فنزلت ودفعته خطام الفحل وقلت "هذه إبلك لم ينقص منها شيء." ثم ابتعدت فقال لي "أقبل!" فعدت إليه خوفا من شره لا طمعا في خيره.
قال "ما أحسبك تحملت عناء الليلة إلا لحاجة."
قلت "نعم."
قال "فخذ من هذه الإبل بعيرين وامض لطيتك."
فصرف وجهه عني حياء."